نور الهدى Admin
رقم العضويه : 48369 عدد المساهمات : 395 التميز : 0 تاريخ التسجيل : 07/10/2009 العمر : 35 الموقع : نور تعاليق : اللهم انصر الاسلام والمسلمين
| موضوع: الحج رياضه روحيه الجمعة نوفمبر 06, 2009 7:16 am | |
| الحكمة من الحج
الحكمة من الطواف بينها النبي صلى الله عليه وسلم حين قال : (( إنما جعل الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله )) رواه أبو داود
فالطائف يطوف بجسده وأما قلبه وروحه فإلى الله اتجهاهما، وبه تعلقهما . ولسان الحاج وقلبه يلهجان بقولهما : (( لبيك اللهم لبيك )) وما سمعنا عن أحد أنه قال : (( لبيك يا كعبة لبيك ))، فالطواف والتلبية استجابة لأمر الله، وليست للكعبة . . ولعل مما يفسر هذا قول بعض الصالحين : طاف الجسد بالبيت، وطاف القلب برب البيت .
وأما ما أورده بعض الزنادقه من أن الطواف بالبيت هو وثنية، فذاك من زندقتهم وإلحادهم وجهلهم، فإن المؤمنين ما طافوا به إلا بأمر الله، وما كان بأمر الله فالقيام به عبادة لله تعالى .
ان في الحج تتحقق منافع دينية ودنيوية معاً، فيه منافع روحية وأدبية واجتماعية واقتصادية . . ففي المؤتر الكبير الذي يعقد في عرفات، رمز لتوحيد كلمة المسلمين وتوجيههم إلى تدارس المشكلات والأمور التي تواجه شعوبهم، وفي الحج مساواة عملية بين الأمير والفرد العادي، فلا تمييز : لباس واحد، وحياة واحدة، بل سمو فوق المادة والحسب والنسب والمال والجاه .
حقاً ان هذا المؤتر الإسلامي العالمي لا شبيه له . . . الحج رياضة روحية وفكر وروح وتربية ومنافع .
يقول الدكتور وهبة الزحيلي تحت عنوان : ( ليشهدوا منافع لهم ) :
الإسلام وشرائعه خير كلّه، ورحمة كلّه، ومصلحة كلّه، وفضل ونعمة مسداة كلّه، مَن دان به رشد، ومَن عمل به سعد، ومَن التزمه فاز ونجا، ومَن أعرض عنه أو انحرف زاغ وضلّ، وتاه وشذّ .
وكلّ شيء في هذا الإسلام العظيم من عقيدة قائمة على التوحيد الخالص، والتنزيه المطلق لله . وعبادة تصقل النفوس، وتهذب الطبائع، وتربي القلب، وتصحح الفكر، وتصلح الفرد والمجتمع . ومعاملة قائمة على الحقّ، والعدل والميزان، والاستقرار . وأخلاق وفضائل تقوِّم الاعوجاج، وتلجم الأهواء والشهوات، وتنمي عواطف الحبّ والودّ والخير والسلام، وتحقق الاستقامة والرشد، وراحة النفس والضمير، وسلامة الأمة والجماعة ... كل هذه العقائد والعبادات، والأخلاق والمعاملات، ذات غايات سامية ومقاصد عالية، هدفها تهذيب النفس الإنسانية، وتربية الإنسان تربية قويمة صحيحة، توفّر على العلماء والدولة والمعلمين ثروات كبرى، لا تحتاج إلا إلى شيء من التذكير والبيان، والتبسيط في تحديد الأهداف والسمات المميزة لها .
وهذا واضح كل الوضوح، ففي جانب العبادات المفروضة في الإسلام ـ من صلاة وزكاة وصيام وحجّ على سبيل المثال ـ حصر دقيق لغاياتها في القرآن، يدور حول التقويم والتهذيب والتربية والإصلاح، وأكتفي بإيراد آية كريمة في كلّ منها عدا الحجّ :
ففي قوله تعالى عن الصّلاة : {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ }1 بيان الغاية التربوية منها .
وفي قوله سبحانه عن الزكاة : {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا} 2 إرشاد لجانب التطهير وتزكية النفوس وتخليصها من آفات البخل والشح، وإنقاذ المستضعفين من الفقراء والمساكين من ذلِّ الحاجة والضعف والعوز .
وفي قوله ـ عزّ وجلّ ـ عن صيام شهر رمضان : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}3 بيان صريح لثمرة الصوم وفائدته العظمى، وهي إعداد النفس لتقوى الله، بترك الشهوات المباحة والمحظورة، وتقويم النفس وتربيتها وتزكيتها، والالتزام بالمأمورات الإلهية، واجتناب المنهيات .
فهذه كلها غايات تربوية سامية تتحقق بممارسة العبادات، ومنها فريضة الحجّ بدءاً من رحلة المغادرة للوطن ثم العودة إليه، وهذه الرحلة تدريب عملي ميداني على آداب الإسلام وأخلاقه، وتجرد خالص للعبادة، وإظهار شامل للطاعة المطلقة، وتصفية الأعمال من شوائب المادة وآصار الدنيا ومغرياتها، وتعلقات الحياة الرغيدة ومفاتنها، وتجوال الفكر العميق في تقديس الله ـ تعالى ـ وجلاله وعظمته، وتحقيق ـ كغيره من العبادات ـ لمنافع الدين والدنيا والآخرة .
قال الله تعالى في كتابه الكريم : { وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}4 فجاء الأمر الإلهي ـ في هاتين الآيتين ـ بفريضة الحجّ، مقروناً ببيان حكمة الحجّ، للفرد والجماعة والأمة، في نطاق العبادة والنفع الذاتي والاجتماعي والسياسي، فكانت منافعه وفوائده خاصة وعامة، لأنه بمثابة مؤتمر عام، يستفيد منه الحجّاج فوائد دينية بأداء الفريضة، وتربوية أخلاقية بالممارسة الفعلية للعلاقات الاجتماعية الحساسة والعادية، وسياسية إسلامية . يتداول فيه المسلمون ـ بنحو جماعي ـ أوضاع بلادهم، وشؤون شعوبهم، بإخلاص وصراحة، وجدية وحرارة، ونقد بنّاء، ومذاكرة في هموم وآمال وآلام الأمة الإسلامية، يعودون بعدها لبلادهم، وهم مزوّدون بماينبغي فعله على الصعيدين : المحلي الخاص والدولي العام، واضعين نصب أعينهم وحدة الأمة الإسلامية ومصلحتها العليا، وأخوّة المؤمنين وما تتطلبه من تضحيات جسام وتعاون وتضامن فعّال، ووقوف بصرامة وجرأة أمام مخططات الأعداء ومؤامراتهم الخبيثة أو المشبوهة، ومحاولة التغلب عليها وإحباطها، حفاظاً على العزّة والكرامة الإسلامية، وحماية لوجود المسلمين، ورعاية لمصالحهم في الداخل والخارج، سواء في وقت السلم والاستقرار، أو في وقت المحنة والحرب والصراع المسلح، والمجابهة الاقتصادية والتحديات المختلفة .
والكلام عن الآية : { ليشهدوا منافع لهم } يحتاج لبيان معنى اللام في الفعل، ومعرفة سبب تنكير كلمة «منافع»، وتحديد أنواع المنافع .
أمّا معنى لام «ليشهدوا» فهو ـ كما جاء في تفسير الميزان ـ للتعليل أو الغاية، والجار والمجرور في «لهم» متعلق بقوله : «يأتوك» والمعنى : يأتوك لشهادة منافع لهم، أو يأتوك فيشهدوا منافع لهم . وجاء في أحكام القرآن لابن العربي : هذه لام المقصود والفائدة التي ينساق الحديث لها، وتنسَّق عليه، ـ أي أنها لام الغاية والصيرورة ـ وأجلّها قوله تعالى : { ... لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً} 5 . وقد تتصل هذه اللام بالفعل، كما تقدم، وتتصل بالحرف كقوله تعالى : { ... لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ ... } 6 .
وأمّا تنكير كلمة «منافع» فهو كما قال الفخر الرازي : إنما نكّر المنافع ; لأنه أراد منافع مختصة بهذه العبادة، دينية ودنيوية، لا توجد في غيرها من العبادات . وقال الآلوسي : «منافع» أي عظيمة الخطر، كثيرة العدد، فتنكيرها ـ وإن لم يكن فيها تنوين ـ للتعظيم والتكثير، ويجوز أن يكون للتنويع، أي نوعاً من المنافع الدينية والدنيوية .
وأما المراد بكلمة «منافع» فيروى عن محمد الباقر (رضي الله عنه) تخصيص المنافع بالأخروية وهي العفو والمغفرة . وفي رواية عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ تخصيصها بالدنيوية . أي أنه حملها على منافع الدنيا، وهي أن يتجروا في أيام الحجّ، وتكون إذناً بالاتجار، كما جاء في آية أخرى : { لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ } 7 . قال القرطبي : ولا خلاف في أن المراد بالآية : التجارة .
والأولى عند جماهير المفسّرين حمل الكلمة على الأمرين، أي المنافع الدينية والدنيوية معاً، وروي ذلك عن ابن عباس، فقد أخرج ابن أبي حاتم عنه أنه قال في الآية : منافع في الدنيا ومنافع في الآخرة، فأما منافع الآخرة فرضوان الله تعالى، وأما منافع الدنيا فما يصيبون من لحوم البُدْن (الإبل والبقر ونحوهما) في ذلك اليوم، والذبائح والتجارات . وخصّ مجاهد منافع الدنيا بالتجارة، فهي جائزة للحاج من غير كراهة، إذا لم تكن هي المقصودة من السفر . وهذا مستبعد ; لأن نداءهم ودعوتهم لذلك غير مقصود في العبادة، بحسب العادة التشريعية .
والتعميم يشمل أربعة أمور : هي شهود (أي حضور) المناسك، كعرفات والمشعر الحرام، والمغفرة، والتجارة، والأموال، والمعنى : ليحضروا منافع لهم، أي ما يرضي الله ـ تعالى ـ من أمر الدنيا والآخرة، فتتحقق بالحجّ منافع الدنيا والآخرة، وما أكثرها وأجداها لكل مؤمن .
وأُرجح القول بالعموم ; عملا بالمعهود من كثرة أفضال الله وعوائده الحسنى على الناس ; ولأن مقتضى الترغيب والتحريض على أداء الحجّ يناسب ذلك، ولا داعي للتضييق وتحجير الواسع، فإن سعة رحمة الله شملت كلّ شيء . قال ابن العربي : والدليل عليه عموم قوله : «منافع» فكل ذلك يشتمل عليه هذا القول . وهذا يعضده تفسير قوله ـ تعالى ـ : { ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم} وذلك هو التجارة بإجماع من العلماء . فيكون القصد من المنافع ـ إذن ـ منافع الدنيا والآخرة : | |
|