ذكرى الهجرة ومعناها:
اليوم تتذاكر الأمة الإسلامية ذكرى الهجرة.
والهجرة في جوهرها هي رفض الاستسلام للقدر الذي يريده أعداء الإسلام أن يفرضوه على المسلمين.
لو ظل المسلمين محاصرين في مكة يتهددهم قتل و سلب ويتهددهم حصار ويتهددهم هول ويتهددهم فوق ذلك كله حصار دعوتهم ويتهددهم فوق ذلك كله تقليص قدرتهم على توجيه الدعوة وتربية أفرادها ،لو ظلوا كذلك لكان الأمر حصارا لدعوة الله.
ولكن المسلم ينظر يمنة ويسرة وينظر خطته وخطواته وينظر طريقه وما يريده لدينه
ومع ذلك المسلم لا يعرف إلا أن يعيش حسب مقتضيات دينه وعقيدته
ليلة الهجرة أمسها استضعاف وغدها تمكين
ليلة الهجرة أمسها حصار وغدها دولة
ليلة الهجرة حدث كبير
لذلك المسلمون لما فقهوا هذا المعنى جعلوا التأريخ يبدأ بالهجرة لا بالبعثة.
لم يقولوا سنة كذا من ميلاد النبي كما يقول البعض
ولم يقولوا سنة كذا من بعثة النبي كما يقول البعض
وإنما قالوا سنة كذا من هجرة النبي لأنهم يضعون تأريخ دولة فلا بد أن يبدأ التأريخ بنشأة الدولة، ومن عجيبٍ أن تكون هجرة النبي قبلها 13 عشر عاما لا تدخل في التأريخ وتبدأ من يوم الهجرة.
المسلم يعرف ماذا يفعل،فاقه ليس درويشا ، مُغيبا
إنما هو فاقه فاهم مدرك يعرف أمره.
هجرة الحبشة نفسها كانت كذلك بالأمس كان المسلمون في مكة يضربون ويضطهدون ولكنهم اليوم بهجرة الحبشة فُجئ الكفار أعداء الإسلام ومن والهم وشايعهم بأن الدعوة قد نقلت نفسها إلى قارة جديدة و إلى ملك لا يظلم عنده احد.
وفُجئوا بأن الدعوة التي كانت في ظن الكافرين مخنوقة داخل الأرض المسلمة فُجئوا بها وقد صارت دولية تعبر البحر من قارة إلى قارة ويتحدث بها الناس إن كانت الدعوة في مكة كانت مع الكفار وعرف بها اليهود فلقد انتقلت لأرض النصارى وأصبح اليهود والنصارى والمشركون وغدا في المدينة اليهود، أصبح هؤلاء جميعا هناك اتصال مباشر؛ هناك من يسلم منهم و هناك من يتأثر و هناك من تصل له الدعوة وأصبحت الأرض كلها تحت بصر النبي عليه الصلاة والسلام يعرف ظروفها يعرف هنا وهناك ، يعرف إلى أين يحرك الدعوة ومتى يحركها.
الهول لا ينزل إلا بالساكنين أمام طغيان عدوهم أما أصحاب الجهد والمقاومة أما أصحاب الجهاد وخلع الطواغيت فإن الله عز وجل قد نصرهم.
من يُصدق؟؟
جائز تنجرح ، جائز تتعب، جائز تُرهق، جائز تجوع ، جائز يصيبك أذى ولكن والنصر مع الصبر والنصر مع العمل، والنصر مع الجهد، والنصر مع المواصلة
هذا هو الدرس العظيم في هجرة النبي.
ولذلك هذه الهجرة المباركة سبحان الله في نفس الوقت وأرجو أن تفهموا وتفقهوا وتدركوا وتسمعوا وتكون لكم عقول باصرة تدرك هذا الكلام هذه الهجرة في نفس الوقت التي أقرت فيه الدعوة شتتت فيه الدعاة. بنفس القدر وهي نفس الحدث.
بقدر ما أقرت الدعوة و أقرت الدولة و أقرت الدين .
انظر إلى الكلمة القرآنية:(والذين تبوؤوا الدار والإيمان ) الحشر9، بقدر ما استقرت الدعوة إذا بها تـُشتت الدعاة.
أين أصحاب الهجرة؟؟؟؟ تركوا الأموال وتركوا بلدهم (تخيل نفسك مكانهم ) و لكنهم تركوا الدار والتجارة وتركوا ما يعرفون وصاروا كاللاجئين في بلد لا يعرفونها.
الإسلام لا يبغدد ولا يهنن ولا يجعل المسلم شخص هش وإنما المسلم إنسان يدفع ثمن عقيدته، ويستعذب ( من العذوبة)دفع ثمن عقيدته لينصره الله.
المسلم لا يمن على الله بما ينزل عليه وإنما هو يقدم الثمن لينتصر دين ولتنتصر عقيدة ، لتنتصر عقيدة كانت مطاردة حتى وإن خرج هو .
فالمسلم الذي رأى البقاء في مكة ولم يخرج منها قيل له لست مؤمنا (لا إيمان لمن لا هجرة له)،فاضطر أن يهاجر لأنه يريد الإيمان، فانتصر الدين وإن هُجـِّر المتدينون ، انتصر الدين وإن شُتِّـت المتدينون ، والله سماه نصرا،سمى الطرد والحصار والقتل نصرا،قال تعالى(إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار)التوبة 40.
هل تصدقون هذا : أعدائي يخرجونني وتقول لي انتصرت؟؟(نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا)هل فكرت في هذا، طيب نقول نصره إذ عاد من مكة منتصرا.
لا
(نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا)
فالنصر يأتي من رحم الأزمة،والمنحة تأتي من رحم المحنة.
في غزوة الأحزاب في الحصار الخانق يقول رب العزة في هذا الحصار الخانق وفي هذا الهول الصاعق النازل يقول عنه(إذ جاؤوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا ، هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالا شَدِيدًا)الاحزاب10 و11.
في هذا الزلزال الشديد يضرب النبي الصخرة ويقول: «بسم الله، ثم ضرب ضربة، وقال: الله أكبر، أعطيت مفاتيح الشام، والله إنّي لأنظر إلى قصورها الحمر الساعة، ثم ضرب الثانية فقطع آخر، فقال: الله أكبر، أعطيت فارس، والله إنّي لأبصر قصر المدائن الآن، ثم ضرب الثالثة فقال: بسم الله فقطع بقية الحجر، فقال: الله أكبر أعطيت مفاتح اليمن، والله إنّي لأبصر صنعاء من مكاني».
في هذه المحنة وأنت محاصر لدرجة انه يقول احد المنافقين(، وأحدنا اليوم لا يأمن على نفسه أن يذهب إلى الغائط)،لا يأمن 10 متر، وإذ بالقوى العظمى تسقط
كنوز كسرى أي الفرس وقيصر أي الرومان
الفرس والرومان بضربتي معول لصخرتين تأتي البشر
هذا شأن الإسلام
(حتى يقول الرسول والذين امنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب) البقرة214
إنه يقين
(كتب الله ......) المجادلة21
(كتب الله ...... ) المجادلة21
(كتب الله لأغلبن ...... ) المجادلة21
(كتب الله لأغلبن ...... ) المجادلة21
ومن يُغالب الرحمنَ يُغلبِ
(كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز ) المجادلة21
(إنا لننصر رسلنا والذين امنوا في الحياة الدنيا .......) غافر51
(.....في الحياة الدنيا..)غافر51
(في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد)غافر51
(إنا لننصر رسلنا والذين امنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد)غافر51
(كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز )
لكن من يظن انه ينصر الإسلام وهو مستقر في بيته ؟؟هذا بعيد جدا ، لكن من يعرف لا بد آن يدفع المسلم ثمن استقرار عقيدته أن يجاهد وإن تشتت ما تعود عليه
لأن الله تعالى قال:(أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين امنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب)البقرة214.
(أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين) آل عمران 142
(ما كان الله ليذر المؤمنين على ما انتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب) آل عمران179، الله لا يغلبه شيء الله يفعل ما يريد يحكم ما يريد ومع ذلك يقول عن ذاته العلية في القرآن الكريم :(ما كان الله ليذر المؤمنين على ما انتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب) آل عمران179.إنه يجعله قانون لا يمكن أن ينخرم(ما كان الله)(ما كان الله ).(ما كان الله ليذر المؤمنين على ما انتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب) آل عمران179
لا
وإنما قدر المسلم أن اصبروا و صابروا ورابطوا
لا اصبروا على أن تُــضربوا بل اصبروا على أن تفعلوا،اصبروا على ما ينزل بكم وانتم تفعلون ،اصبروا على ما ينزل بكم وانتم تواصلون.
فإذا حولها المسلم تبديلا وتحويلا لكلمات الله إلى أنه اصبروا يعني انضربوا واصبروا مثل التهدئة التي يريدون فرضها، يعني تهدئة ونحن نحاصركم ونخنقكم ولكن لا تثيروا ضجة في أثناء خنقكم هذه ليست تهدئة هذا إنسان يطلب مني عدم الضجيج حتى لا أزعجه وهو يقتل و يخنق.