أمي..كيف أصل إلى رضاكِ؟
المعلمة:لماذا تبكين يا رهف؟
رهف: عندي مشكلة تؤرقني ولا أجد من أبثه همومي
المعلمة: ولماذا لم تناقشيها مع والدتك؟
رهف: هذه هي المشكلة التي أعاني منها
المعلمة: كيف؟
رهف: إنّ أمي لا تتكلم معي بهدوء، ودائمًا تتهمني بأني متمردة ولا أطيع أوامرها
المعلمة: وماذا أيضًا؟
رهف: تقول أنني لا أشعر بها، أو أقدر ما تبذله من أجلي، كل ذلك لأني أنام كثيرًا ولا أساعدها في أعمال المنزل، وأصر على مناقشتها في كل توجيهاتها لي..!
المعلمة: المشكلة حلها عندك يا صغيرتي، تعالي نجلس ونتكلم.
هل تعرفين من هي أمك؟؟
خلقالله تعالى الأممنبعًاللرحمة والعطفوالحنانعلىأولادها، ومصدرًا للعطاء المستمر الذي لا تنتظر معه أي مقابل من الأبناء.
وأمكمهماتلفظتمنقولأوفعلتمنفعلفإنماهيبشر، ولكنها أكثر البشر حبًا لكِ، هدفهاالأولسعادتك وصلاح أمرك، فهي تريد أن تكوني أحسن الفتيات خلقًا وعلمًا ومهارة، وليس هناك من يماثلها في صدق مشاعرها تجاه أبنائها.
لذلك كان رضا الله تعالى مرتبطًا برضاها عن ولدها، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال صلى الله عليه وسلم : (رضا الرب تبارك وتعالى في رضا الوالدين وسخط الله تعالى في سخط الوالدين) [حسنه الألباني] أي غضبهما الذي لا يخالف شرع الله تعالى.
فإن سألتِ : ما وجه تعلق رضا اللّه عن الابن برضا الوالد؟
فالجواب: أن الله تعالى اقتضت حكمته وعدله أن يكون "الجزاء من جنس العمل"، فلما قام الابن بإرضاء من أمره اللهُ بإرضائه؛ رضي الله عنه، وعجل له الجزاء الحسن في الدنيا قبل الآخرة وهو كذلك من قبيل (لا يشكر اللّه من لا يشكر الناس) [صححه الألباني]، قال تعالى: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} [لقمان: 14] ، فبر الوالدين خاصة الأم ، يعد من شكر الله تعالى لأنهما السبب المباشر لتوصيل الكثير من نعم الله تعالى للأبناء خاصة في صغرهم؛ حيث يعجزون عن القيام بشأن أنفسهم، فكان شكر الوالدين بالبر من شكر الله تعالى.
ابحثي عن الأسباب التي تزعج الأم من ابنتها؟
1-العناد:
ونقصد به أن تتعمد الفتاة مخالفة أمها في الرأي والتصرفات لا لشيء إلا لتثبت لنفسها ولمن حولها أنها فتاة ناضجة وذات شخصية مستقلة.
2-الانتقاد:
من الفتيات من تحب النقد رغبة في نصح الغير، ومنهن من توجه النقد اللاذع لمن حولها دون مراعاة لشعورهم مثل إخوتها، أو بعض أفراد العائلة، أو للأم نفسها، ثائرةً على كل ما هو قديم من مفاهيم وأساليب في الحياة، وكأنها بذلك تضع الأم في قفص الاتهام وتسبب لها الضيق والحرج .
3-كتمان أمورها عن الأم:
تحب الفتاة في هذه المرحلة أن يعرف الجميع بأن لها خصوصيتها، واستقلاليتها وأنه لا يحق لأحد التدخل فيها ولا حتى أمها، وهذا هو ما يثير ضيق الأم.
فحرص الأم وخوفها على ابنتها يحتم عليها أن تكون قريبة منها وأن تتعرف على صديقاتها، ولكن الفتاة تعتبر ذلك تطفلًا من أمها وتدخلًا في شئونها الخاصة.
4-الاستفزاز :
تلجأ الفتاة إلى استفزاز أمها، وإثارة المشكلات لإحداث ثورة غضب ضدها، مما يحزن الأم، لأن تكرار هذه المواقف يجعل العلاقة بين الأم وابنتها مشحونةً في معظم الأوقات.
5- السلبية وعدم التعاون:
الأسرة السعيدة هي التي يسود التعاون المشترك بين أفرادها، ولكن بعض الفتيات تتخذ موقفًا سلبيًا من المشاركة في أعمال المنزل، خاصة إذا تعلقت بالأشقاء الذكور، لأن ذلك التعاون وتلك المشاركة من وجهة نظرها تعتبر نوعًا من أنواع الخضوع الذي لا تقبله، وهذه السلبية بالطبع تخلق جوًا متوترًا بين الأم وابنتها .
8- الغذاء الصحي :
كثيرًا ما يكون للفتاة اتجاهات غير سليمة نحو غذائها، ما بين الإكثار من تناول الوجبات الجاهزة، والمشروبات الغازية والشيكولاتة، أوالشغف بتطبيق وصفات الحمية المتنوعة، والتي لا تنتظم تحت إشراف طبي يجعلها مناسبة لمرحلة النمو التي تمر بها الفتاة، غير مكترثة بقلق أمها وخوفها على صحتها .
9- العصبية :
يزعج الكثير من الأمهات العصبية الزائدة في ابنتها، فترى ابنتها تنفجر غاضبة كالإعصار المدمر إزاء أي احتكاك بينها وبين إخوتها، وكذلك إذا ضايقها شيء خارج المنزل يكون بمثابة كارثة لديها، فمن الصعب عليها أن تتحكم في نوبات الغضب أو المواقف الاستفزازية.
10 - إضاعة وقت الفراغ:
تقضي الفتاة أوقات طويلة أمام التلفاز لمتابعة ومشاهدة مواد غير هادفة، مع عدم استجابتها لتوجيهات والديها بهذا الشأن، مما يسبب الضيق الشديد لأمها.
والآن.. وبعد أن وقفت على أهم ما يضايق الأم من ابنتها الغالية، ويؤدي إلى توتر العلاقة بينهما، عليك أن تبدئي عهدًا جديدًا مع أقرب الناس وأعظمهم حبًا لكِ، فالأم وإن كان الأصل في فطرتها العطاء المستمر لأبنائها، إلا أنها تحتاج أن تشعر بعطائك لها وذلك عن طريق النصائح التالية:
ابدئي وبرِّيها أنتِ أولًا:
ابدئيها بالكلمة الطيبة والعبارات المحببة إلى قلبها مثل "حبيبتي أمي"، وغيرذلك من العبارات التي تفتح قلب أمك وترضيها عنك.
اجعلي لها نصيبا من دعاباتك ومرحك وابتسامتك الجميلة..
امنحيها قبلة الصباح قبل خروجك إلى مدرستك، واسأليها في ود: هل أنتِ راضية عني يا أمي؟ ولاتنسي فعل ذلك في المساء قبل خلودك للنوم.
تذكريها بهدية ولو صغيرة مثلما تتذكرين صديقاتك.
استخدمي عبارات الاحترام عندما تخاطبينها مثل لو سمحت يا أمي، إذا لم يكن عندك مانع، تفضلي.
فأمك يجب أن تَخُصيها عند حديثك معها بالمزيد من التقدير والاحترام وخفض الصوت وعدم الجدال، فاحترام الأم في الخطاب ولهجة الحديث معها من صميم برّها، قال تعالى: {وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} [الإسراء: 23].
ومهما اختلفت معها فلا ترفعي صوتك عليها، وتذكري قوله تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا} [الإسراء: 23].
لا تتنازلي عن صداقتها:
أمك هي أوفى الصديقات وأكثر شخص يحبك، مهما بدا لك غير ذلك في لحظات الانفعال خوفًا عليك وحرصًا على ما ينفعك، فاقتربي منها وبوحي لها بأسرارك وأحلامك ومشاعرك، وهي خير من يقدم لك المشورة، فلديها كنز التجارب والخبرات التي توفرعليك خوض تجارب الحياة ومشاكلها.
شاركيها وخففي عنها الأعباء:
فمشاركتك لها وإفصاحك عن رغبتك في تخفيف الأعباء عنها، يسعدها كثيرًا ويشعرها أنكِ قريبة منها وتقدرين مجهوداتها من أجلك.
دلليها أثناء مرضها:
ولتجد منكِ لطفًا زائدًا ورعاية، قدمي لها الدواء في موعده، وقومي بما تستطيعين من أعباء كانت تقوم بها، فإن ذلك يخفف عنها كثيرًا، وأسمعيها دعاءك الحار لها بالشفاء والعافية.
ولتهنئي بثمرات البر :
أولها: السبق في دخول الجنان:
فالابن البار يحل أولًا في الجنة قبل أن يدخلها أحد من الناس، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ، في الحديث الذي ترويه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (دخلت الجنة فسمعت فيها قراءة، قلت من هذا؟ فقالوا: حارثة بن النعمان) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كذلكم البر.. كذلكم البر) وكان أبر الناس بأمه [صححه الألباني] .
الثاني: البر صمام أمان في الأزمات:
وضمانة فرج من كل ضيق، تكفل الله تعالى بها للبارِّين من الأبناء بأمهاتهم، ففي حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ أنه قال: (بينما ثلاثة نفر يتمشون أخذهم المطر، فآووا إلى غار في جبل، فانحطت على فم غارهم صخرة من الجبل فانطبقت عليهم، فقال بعضهم لبعض: انظروا أعمال عملتموها صالحة لله، فادعوا الله تعالى بها، لعل الله يفرجها عنكم.
فقال أحدهم: اللهم! إنه كان لي والدان شيخان كبيران وامرأتي، ولي صبية صغار أرعى عليهم، فإذا أرحت عليهم، حلبت فبدأت بوالديَّ فسقيتهما قبل بنيَّ، وأنه نأى بي ذات يوم الشجر، فلم آت حتى أمسيت فوجدتهما قد ناما، فحلبت كما كنت أحلب، فجئت بالحلاب فقمت عند رؤوسهما أكره أن أوقظهما من نومهما وأكره أن أسقي الصبية قبلهما، والصبية يتضاغون عند قدمي، فلم يزل ذلك دأبي ودأبهم حتى طلع الفجر، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فافرج لنا منه فرجة، نرى منه السماء، ففرج الله منه فرجة، فرأوا منها السماء) [متفق عليه].
الثالث: استجابة الدعاء:
وقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنخير التابعين أويس القرني أنه لو أقسم على الله لأبره؛ وذلك لبرِّه بأمه.
الرابع: أن يبرك أبناؤك:
فالجزاء من جنس العمل، فإذا طال العمر بالابنة البارة، ورزقها الله من البنين والبنات، فإن عاقبة برها لأمها أن يبرها أبناؤها هؤلاء.
أرأيتِ أن في رضاها خيرًا كثيرًا.. الأجر الكبير..الخروج من الأزمات.. دعاؤها لك بالتوفيق.. بر أبنائك في المستقبل.. إلى جانب الشعور بالرضا والفرح، فطاعة الله ببرها ستدخل الطمأنينة والسعادة إلى قلبك.
والآن يا زهرتنا اليانعة:
بقبلة حانية تطبعينها على رأس أمك ويديها، وبأسلوبك المهذب في خطابها والحديث معها، وبمشاركتك لها في أمورها وما تهتم به، تكونين قد أحسنتِ الوصول إلى منابع النهر العظيم الذي لا ينتهي عطاؤه أبدًا، وعلمتِ كيف ترضين ربك برضا أمك الغالية.
المراجع:
- عودة الحجاب: د.محمد اسماعيل – القسم الثاني
- الدور التربوي للوالدين في تنشئة الفتاة المسلمة: حنان عطية الطوري
- مسئولية الأب المسلم في تربية الولد:عدنان حسن باحارث
- الأسلوب الأمثل في تربية البنات:يوسف رشاد